الأربعاء، 20 يناير 2010

جمهورية بيتى العربية

جمهورية بيتى العربية

بنتولد كلنا صغار...نلعب فى حجر الدار..نسمع حكاوى الجدة...نحيى العلم بكل حدة
بنتولد كلنا صغار نصرخ فى وجه الدنيا..ويالها من صرخة...صرخة تهتز وتطرب لها القلوب. الأذان أول ما أسمع وصراخى أول ما يسمعون.أدخل الحياة كأنى صفحات بيضاء خالية بين غلافى مجلد..غلاف المقدمة أمى وغلاف النهاية أبى.حيث تتم أول عملية تواصل بينى وبين أمى عن طريق للبن الرضاعة ( نهر الحنان ) لتصبح أمى الأنسانة الأكثر أهمية فى حياتى.بهذا أصبح حضن أمى أول بيت لى.أبدأ ملء صفحات حياتى البيضاء بأعين حائرة وأذان صاغية لأصبح رادار بشرى يستكشف كل ماحوله. يبدأ عداد الزمن فى الدوران للتتراكم عليه الايام متوازية مع نمو عقلى وجسمى . تتوافد صور الاشخاص والاماكن على عقلى وأبدأ فى معرفة هذه الصور حتى يستقر فى قلبى وعلقى صورة مكان يسمى البيت أو الدار...لكن لا أعرف أين هو !
تمر سنة وتبدأ رجلى فى الشموخ وترتفع بها رأسى عن مستوى الارض. أستخدم هذه الارجل بالأنتقال من نقطة الى اخرى لأستقر بين يدى أمى وأبى ونحن تلمع أعيننا من السعادة. تزيد حركاتى فى هذا البيت ومع كل حركة تولد ذكرى تخزن بداخله.أحفر ذكرياتى الاولى على جدارن بيتى ليصبح لوحة ناطقة وحضن ثانى يسعنى انا وامى (الحضن الاول) وأبى .
ألعب فى حجر الدار تمر بي الضحكات والأيام وتبقى فيه الذكريات.الأعب الجدارن أسدد لها الكرة فتردها الى . أحرك أرجلى الثقيلة فوق الأرض فان سقطت أقسو على الارض وأضربها بيدى . خلال أشهر عمرى الأولى أرى شفاه تتحرك وتلفظ بأصوات غريبة ولكنى لا أعى ما يقولون. تعتاد أذانى على بعض الكلمات وأجد أنها تتكرر أمامى . أبدأ فى مقايضة الكلمة بما يناسبها من أشخاص وأشياء وأفعال الى غير ذلك ..كأنى أركب قطع من المكعبات ذات اشكال المختلفة فى الخانات الخاصة بكل شكل . فجأة ! أجد لسانى يتمتم ببعض الكلمات منها ماما .. بابا..وهكذا مع مرور الوقت أعتاد على مجاراة بعض الكلمات الا بعض الكلمات التى لا أجد لها الخانة المناسبة لها ومنها كلمة " مصر" . ماذا تعنى كلمة مصر؟ .. هى الفنلة الحمرا فى ماتش كورة !!
يأسرنى بيتى بالحنين اليه ..حتى ان خرجت منه وسرقتنى لحظات المتعة ..فجأة يلفظ لسانى "عايز أروح".
أثناء لحظات الصفاء نسمع حكاوى الجدة وهى تغنى وتقول " كان فى واد أسمه الشاطر عمرو وكمان كان فى جده بشنبات فى معاد الأكل بأمر سى عمرو جده يقعد يحكى حكايات ....".
تنساب روحى منى ويطرب فؤادى.أستظل بحضن جدتى ويهل على نسيم كلامها الطيب... تضمنى فى حضنها من برد الشتاء كأنى وليد بين جناحى حمامة. أنهل من فيضها تعلمنى فاتحة الكتاب وفضائل دينى وياله من زاد...أقتبس الماضى من جدتى وجدى والتمس الحاضر من أبى وأمى واصنع المستقبل بوقع أقدامى.
تشرق شمس أول يوم دراسى لتفرش بساط النور أمام الاولاد والبنات. يوم عيد على نفس كل طفل..يوم كل مافيه جديد...روح جديدة... ملبس جديد... شنطة جديدة...أدوات جديدة...حتى الابتسامة جديدة . تنتشر فى الفناء كنمل مصفوف كل حسب سنه وحجمه . نستهل طابور الصباح بالتمارين وننهى بتحية العلم بصوت كله حدة وشموخ " تحيا جمهورية مصر العربية " . لكن بصراحة فى أول أيامى الدراسية لا أعلم ماهى الجمهورية... وأين مصر بالتحديد ... ومن هم العرب . ............. والحكاية لسه فيها.
سؤال
أثبت أن مصر هى أمى